الإستراتجية الوطنية للترقية النسوية

اعتمدت الحكومة منذ سنة 1985 حركة واسعة من الإصلاحات الاقتصادية والمالية بغرض إعادة
التوازنات الاقتصادية الكبرى، وتفعيل النمو ومحاربة الفقر. وتقوم الاستراتيجيات المتبعة في هذا الشأن
على التحرير التدريجي للاقتصاد، وتزايد مشاركة القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي، وتعزيز
القدرات الإدارية، وتثمين الموارد البشرية.
وقد مكنت مختلف البرامج المنفَّذة من تحقيق تقدم هام،استفاد منه الجميع بما في ذلك النساء؛ إلا أن
الفقر بقي مصدر قلق في أوساط السكان، خاصة مع تدني الظروف الاقتصادية للأسر التي تعيلها
النساء، حيث ازدادت تأثيرات الفقر عليها في ما بين 1996 و2000.
على المستوى التشريعي، أصبح للبلاد منذ 20 يوليو 1991 دستور يضمن للمرأة حق المشاركة في
الحياة السياسية والحياة العامة. ويكرس هذا النص، دستوريا، وبدون أي تمييز، كافة الحقوق المدنية
والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، كما ينص عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي
أقرته الأمم المتحدة سنة 1948، والميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب الصادر عام 1981.
وقد تم إنشاء كتابة للدولة تعنى بشؤون المرأة سنة 1992، تتمثل مهمتها في ضمان ترقية المرأة
الموريتانية ومشاركتها الكاملة اقتصاديا واجتماعيا، وفقا للقيم الإسلامية، والحقائق الاجتماعية
ومتطلبات الحياة العصرية.
ولمواجهة هذا التحدي، أنشأت موريتانيا سنة 1998 مفوضية مكلفة بحقوق الإنسان، ومحاربة الفقر
وبالدمج تتولى، بالتنسيق الوثيق مع القطاعات الوزارية الرئيسة، مهمة إعداد وتنفيذ ومتابعة برامج
الحد من الفقر. وبعد إقرار مبدأ استفادة البلاد في مبادرة الدول الفقيرة الأكثر مديونية، تم إعداد إطار
استراتيجي لمكافحة الفقر، كان ثمرة تشاور واسع بين الإدارة والمجتمع المدني والمانحين.
وكما هو الحال بالنسبة للمستوى الوطني، أصبحت وضعية المرأة على النطاق الدولي أحد المشاغل
البارزة بالنظر إلى كثرة الندوات والقمم والمؤتمرات التي تم عقدها على المستوى العالمي (بيجينك)
والإقليمي (القاهرة، دكار، أديسا بابا) خلال العقد الماضي، من أجل رسم قاعدة عمل مشتركة للأمم
المتحدة، ووضع توجيهات ملحة في مجال الترقية النسوية.
وقد كانت هذه الندوات والقمم والمؤتمرات فرصة لتقديم معاينات - بلا محاباة - حول العديد من
المجالات: كاستمرار وتيرة الفقر التي تصيب النساء في المقام الأول، والفروق بين النساء والرجال في
مجال النفاذ إلى الخدمات والموارد، والآثار السلبية للنزاعات المسلحة على وضعية النساء، وعدم
المساواة بين الجنسين أمام الدوائر والسياسات الاقتصادية، والتوزيع غير المتساوي للسلطات
وللمسؤوليات المتعلقة باتخاذ القرار، وعدم احترام حقوق النساء، والنقص في مجال حماية حقوقهن،
واستمرار المعاملات السيئة التي تتعرض لها الفتيات، وعدم احترام حقوقهن الأساسية، إلخ.
الاستراتيجية الوطنية للترقية النسوية 2008 - 2005
4
من هذا المنظور، ستكون الاستراتيجية الجديدة، أكثر من أي وقت مضى، أداة أساسية لتدخل السلطة
العمومية بغية تحسين ظروف المعيشة الدائمة للمرأة وتعزيز مكانتها داخل المجتمع. كما ستكون أكثر
انسجاما وتكاملا
مع الإطار الاستراتيجي لمكافحة الفقر الجاري تنفيذه، ومع الإطار الاستراتيجي المقبل لمكافحة الفقر
الذي يغطي فترة 2008 – 2005. ينضاف إلى ذلك أن هذه الاستراتيجية الجديدة لها مزية اعتماد
رؤية على مدى طويل لوضعية المرأة والأسرة الموريتانية، مع امتلاك آلية للمتابعة والتقويم، وهما
جانبان ظلا غائبين في الاستراتيجية السابقة.
وتتكون هذه الوثيقة التي تتضمن الاستراتيجية الوطنية للترقية النسوية من عدة فصول. الفصل الأول
يقدم حصيلة الإنجازات المتعلقة بتنفيذ الاستراتيجية الوطنية للترقية النسوية 2000 – 1995؛ ويتولى
الفصل الثاني، المدعوم بأحدث البيانات المتوفرة على الصعيد الوطني (الإحصاء العام للسكان
والمساكن لسنة 2000، المسح الدائم لظروف المعيشة لعام 2000، المسح الديموغرافي الصحي في
موريتانيا لسنة 2001، إلخ)، عرض تشخيص وتطور وضعية المرأة الموريتانية؛ أما الفصل الثالث
فيتناول الاستراتيجية ومحاور تدخلها الرئيسية؛ ويقدم الفصل الرابع والأخير خطة العمل على المدى
المتوسط، وآليات متابعتها وتنفيذها

Documents