السياسة الوطنية للأسرة

تـوطئـة
تشكل الأسرة أصغر وحدة بنائية عرفتها المجتمعات البشرية عبر مراحلها المختلفة. وقد أدت الخلية
الأسرية وما تزال تؤدي وظائف حيوية للفرد والمجتمع يصعب الاستغناء عنها، مهما تعددت الثقافات
وتباينت الأطر التنظيمية في المجتمعات.


ويتعزز دور الأسرة باستمرار، بوصفها وحدة تنظيميه، خاصة في ظل التغيرات المتسارعة التي
يعيشها العالم في الميادين الاقتصادية والاجتماعية والفكرية، وما يترتب عليها من اختلالات تنتاب
المجتمع وتؤثّر على وظائف مكوناته.


ويعكس الاهتمام الدولي الذي حظيت به الأسرة وخاصة من قبل هيئات الأمم المتحدة وبعض المنظمات
الإقليمية (الجامعة العربية، الاتحاد الإفريقي...)، الأثر الواضح لهذا التحول ومدى حدته، إذ لم يعد
بالإمكان تجاهل معاناة الأسر بسبب العنف والحروب والانحراف والتهميش والفقر وانحلال الضوابط
الاجتماعية القديمة؛ حتى وإن تباينت هذه الآثار من مجتمع لآخر حسب تنوع البيئات الاجتماعية
والثقافية والظروف الاقتصادية والسياسية المحيطة.


وفي موريتانيا، تشكّل هذه الظواهر والمشكلات في مجملها تجليات للتغيرات المتسارعة التي عرفها
مجتمعنا والتي كانت آثارها وسماتها أكثر وضوحا في الوسط الحضري وشبه الحضري.


ويعكس تكريس سنة دولية للأسرة (1994) وعي المجموعة الدولية بأهمية وخطورة التغيرات التي
تشهدها الأسرة على المستويين البنائي والوظيفي، الشيء الذي يستدعي تحسيس جميع الحكومات
والمنظمات الأهلية من أجل إعداد ومراجعة سياساتها وبرامجها التنموية حتى تتمحور حول الأسرة.


وفي انسجام مع هذا الاهتمام الدولي، نظمت بلادنا أنشطة متعددة شملت البحث والتوجيه ومساعدة
الأسر التي يتهددها التفكك. كما تزامن تخليد تلك السنة مع إنشاء كتابة للدولة لشؤون المرأة عهد إليها
بترقية المرأة وحماية الطفل وتحسين وضعية الأسرة. وقد أعد هذا القطاع إستراتيجية وطنية لترقية
المرأة شكلت الإطار المرجعي للحكومة في هذا الخصوص.


وتعززت الجهود وطنيا باعتماد الحكومة إعلان السياسة السكانية الذي تشكل الأسرة محورا رئيسا من
اهتماماته، سواء تعلق الأمر بتعزيز مكانتها في المجتمع أو بدعم قدرتها على تأدية وظائفها بصورة
ملائمة.

4
وعلى الرغم من اعتماد إعلان السياسة السكانية وإعداد إستراتيجية الترقية النسوية، فان تعدد قضايا
الأسرة وتنوع مشكلاتها جعل من الضروري وضع إستراتيجيات فعالة قادرة على معالجة أوجه النقص
الملاحظة وعلى إيجاد حلول دائمة لها.


ولمواجهة هذه المقتضيات أدرجت كتابة الدولة لشؤون المرأة ضمن أولوياتها لسنة 1998 ضرورة
إعداد سياسة للأسرة باعتبار السياسة الإطار الملائم لمعالجة مشكلات الأسرة وتحقيق تطلعاتها،
بصورة متناسقة ومنسجمة مع قيم المجتمع من جهة ومتطلبات التنمية من جهة أخرى.


وفي تلك السنة تم القيام بتشخيص شامل أثناء شهر الأسرة (يوليو 1998) مكّن من إعطاء صورة
مفصلة عن المشكلات الأساسية التي تواجهها الأسرة من حيث بنيتها وقدرتها على أداء وظائفها تجاه
الفرد والمجتمع، كما أظهر جوانب الضعف والتفكك الذي تعيشه، الأمر الذي يتطلب الإسراع باتخاذ
الإجراءات الضرورية لمعالجة هذه الأوضاع لتفادى تفاقمها.

اضغط على الملف المرفق

Documents
politiquefamille_0.pdf (351.99 كيلوبايت)